alma3e@
تتابع الجدل حول قصيدة النثر وجائزة السنوسي الشعرية بعد تتويج الشاعر صالح زمانان بجائزة الدورة الخامسة عن ديوانه «عائد من أبيه»، إذ استعر الخلاف حول الجائزة التي انتقص من قيمتها العديد من الشعراء والنقاد في السعودية، كما دافع عنها شعراء ونقاد آخرون، وكانت حجة المنتقصين من الجائزة أنّ الشاعر محمد السنوسي لم يعترف بقصيدة النثر يوماً ولم يكتبها، ليتحوّل الخلاف إلى وجهات نظر بين مؤيد لأسباب، ومعترض بشكل كامل، بل وصل الأمر إلى درجة الانتقاص من الجائزة وتاريخها، وسط تجاهل كبير لأسماء شابّة فازت بالجائزة وكان لها حضورها الشعري على الساحة الشعرية بشكل واضح.
الشاعران أحمد بهكلي وإبراهيم صعابي كانا من أوائل الشعراء الذين هاجموا الجائزة بعد تكريم الفائز بها عن قصيدة النثر، وكتبا العديد من الرسائل عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن القصيدة وآراء النقاد فيها، إذ كتب البهكلي «اتفق النقاد على شكلين للشعر وهما الشكل البيتي والشكل الحر، وكلاهما معتمد على التفعيلة الشعرية. وهذان النوعان هما ما تمكن الموازنة بين الأعمال المنتمية إليهما بصفتهما شعرا. أما النوع الحديث المسمى (قصيدة النثر) فمحل خلاف بين النقاد، وكثير منهم لا يعده شعراً وإن ادّعى بعضهم أنه كذلك، وهو ليس شعرا لفقدانه أهم شرطين للشعر، الوزن والقافية. ولذلك فمن المجازفة خلط الأعمال الشعرية الحقيقية بالنوع الأخير المسمى: (قصيدة النثر). وإذا كان هذا الخلط خطأ نقديا فإن في ذلك ظلما وإجحافا إذا تم الخلط في المسابقات الشعرية؛ لأن التحكيم حينئذ سيكون بين أعمال شعرية وأخرى نثرية، تماما كما لو تم خلط أعمال قصصية بأعمال مسرحية. والتحكيم الجيد العادل إنما يكون بين أعمال الفن الواحد»، مضيفاً أن للشعر شروطا لا تطلب للنثر، ومن أهمها الإيقاع والقافية، وعمق الدلالة، وطرافة اللغة، والترميز.
فيما رأى الشاعر إبراهيم صعابي أنّ من عجائب هذا القرن أن يفوز بجائزة السنوسي الشعرية كتابٌ نثري، لافتا إلى «مجاز قد نسلم بوجود ما يسمى بـ(قصيدة النثر)، أما اصطلاحا فإن مفهوم قصيدة لا يتناسب في إضافة النثر إليها ولو عكسنا المصطلح ليصبح (نثر القصيد)، أو عدنا إلى مصطلح (الشعر المنثور) لهان الأمر قليلاً. هناك نص نثري جميل يشبه القصيدة/الشعر، ويلتقي مع بعض الجمل الشعرية في مسحة غير واضحة من الإيقاع الداخلي. فنيّاً قد يتفوق هذا النص النثري في لغته وفكرته على بعض القصائد بمصطلحها المتعارف عليه لدى النقاد..لكنه لا يحظى بشرف التسمية (قصيدة). النص إما أن يكون شعراً بكل اتجاهاته وتحولاته أو نثرا في شتى فنونه وتوجهاته».
في الجهة المقابلة، دافع الشاعر علي الدميني عن قصيدة النثر بقوله إنّ هناك من يرى أنّ الشعر خارج الإيقاع لأنه يرتكز على تشكيل الصورة الشعرية وزاوية التقاط مغايرة وبروز شعرية الحياة المعاشة في تفاصيل النص. وأضاف الدميني أنّ إيقاع النصّ العمودي أوالتفعيلي لدى الشعراء المتميزين كالبهكلي سيكون عنصر إغناء وإثراء وتميز لجمالية القصيدة حتما.
فيما رأى الشاعر محمد حبيبي أنّه مثلما وجدنا «قصيدة نثر» ملتبسة في اسمها وشعريتها، هناك أيضا «قصيدة النظم» واضح نظّامها ولا يلبَس نظمهم على أحد. وأضاف حبيبي أنّ الشعر هو الشعر أيا كان القالب والشكل، مستشهداً بقول العواد (رحمه الله): «الشعر جوهر وما الوزن والقافية سوى حليتين يستطيع الشاعر الاستغناء عنهما متى شاء».
الشاعر محمد زايد الألمعي خصّ «عكاظ» بهذا التعليق، إذ يرى أنّ (الشعر) في المنطق اللغوي وصفٌ لـ(الماهيّة)... أي أنّ (ماهيّة) هذا الكلام هو(الشعر) أما (النثر) فهو وصف لـ(الشكل)، ولا يمكن مقابلة وصف الماهية بوصف الشكل، فهذا كأن تقول: (إن اللون الأحمر لا يشبه المثلث...! وعندها سيتهمك سامعك بالجنون...). ويضيف الألمعي أنّ النثر شكل من الكلام قد تكون شعريته أعلى من قوالب الإيقاع المفرغة من الشعريّة... فقط على أصدقائنا المحتجين أن يفرّقوا بين تربيتهم الذوقيّة والوعي بفلسفة فنّ ما، يؤسفني أن بعضهم يعيش على حافة الموهبة الشعريّة طوال حياته ويرعبه الخروج إلى رؤية فلسفيّة يكتشف من خلالها مكامن جديدة ومدهشة للجمال... ويختصر الألمعي الموضوع بقوله: الفن،أيّ فنّ،ّ ليس إقطاعيّة لذوقك الخاص، إنّه فضاءٌ شاسع يتسع ويتمدد باستمرار، إنّه الكون الموازي للطبيعة المطلقة التي لا يعلم نهايتها إلاّ خالقها المبدع الأكبر».
تتابع الجدل حول قصيدة النثر وجائزة السنوسي الشعرية بعد تتويج الشاعر صالح زمانان بجائزة الدورة الخامسة عن ديوانه «عائد من أبيه»، إذ استعر الخلاف حول الجائزة التي انتقص من قيمتها العديد من الشعراء والنقاد في السعودية، كما دافع عنها شعراء ونقاد آخرون، وكانت حجة المنتقصين من الجائزة أنّ الشاعر محمد السنوسي لم يعترف بقصيدة النثر يوماً ولم يكتبها، ليتحوّل الخلاف إلى وجهات نظر بين مؤيد لأسباب، ومعترض بشكل كامل، بل وصل الأمر إلى درجة الانتقاص من الجائزة وتاريخها، وسط تجاهل كبير لأسماء شابّة فازت بالجائزة وكان لها حضورها الشعري على الساحة الشعرية بشكل واضح.
الشاعران أحمد بهكلي وإبراهيم صعابي كانا من أوائل الشعراء الذين هاجموا الجائزة بعد تكريم الفائز بها عن قصيدة النثر، وكتبا العديد من الرسائل عبر صفحات التواصل الاجتماعي عن القصيدة وآراء النقاد فيها، إذ كتب البهكلي «اتفق النقاد على شكلين للشعر وهما الشكل البيتي والشكل الحر، وكلاهما معتمد على التفعيلة الشعرية. وهذان النوعان هما ما تمكن الموازنة بين الأعمال المنتمية إليهما بصفتهما شعرا. أما النوع الحديث المسمى (قصيدة النثر) فمحل خلاف بين النقاد، وكثير منهم لا يعده شعراً وإن ادّعى بعضهم أنه كذلك، وهو ليس شعرا لفقدانه أهم شرطين للشعر، الوزن والقافية. ولذلك فمن المجازفة خلط الأعمال الشعرية الحقيقية بالنوع الأخير المسمى: (قصيدة النثر). وإذا كان هذا الخلط خطأ نقديا فإن في ذلك ظلما وإجحافا إذا تم الخلط في المسابقات الشعرية؛ لأن التحكيم حينئذ سيكون بين أعمال شعرية وأخرى نثرية، تماما كما لو تم خلط أعمال قصصية بأعمال مسرحية. والتحكيم الجيد العادل إنما يكون بين أعمال الفن الواحد»، مضيفاً أن للشعر شروطا لا تطلب للنثر، ومن أهمها الإيقاع والقافية، وعمق الدلالة، وطرافة اللغة، والترميز.
فيما رأى الشاعر إبراهيم صعابي أنّ من عجائب هذا القرن أن يفوز بجائزة السنوسي الشعرية كتابٌ نثري، لافتا إلى «مجاز قد نسلم بوجود ما يسمى بـ(قصيدة النثر)، أما اصطلاحا فإن مفهوم قصيدة لا يتناسب في إضافة النثر إليها ولو عكسنا المصطلح ليصبح (نثر القصيد)، أو عدنا إلى مصطلح (الشعر المنثور) لهان الأمر قليلاً. هناك نص نثري جميل يشبه القصيدة/الشعر، ويلتقي مع بعض الجمل الشعرية في مسحة غير واضحة من الإيقاع الداخلي. فنيّاً قد يتفوق هذا النص النثري في لغته وفكرته على بعض القصائد بمصطلحها المتعارف عليه لدى النقاد..لكنه لا يحظى بشرف التسمية (قصيدة). النص إما أن يكون شعراً بكل اتجاهاته وتحولاته أو نثرا في شتى فنونه وتوجهاته».
في الجهة المقابلة، دافع الشاعر علي الدميني عن قصيدة النثر بقوله إنّ هناك من يرى أنّ الشعر خارج الإيقاع لأنه يرتكز على تشكيل الصورة الشعرية وزاوية التقاط مغايرة وبروز شعرية الحياة المعاشة في تفاصيل النص. وأضاف الدميني أنّ إيقاع النصّ العمودي أوالتفعيلي لدى الشعراء المتميزين كالبهكلي سيكون عنصر إغناء وإثراء وتميز لجمالية القصيدة حتما.
فيما رأى الشاعر محمد حبيبي أنّه مثلما وجدنا «قصيدة نثر» ملتبسة في اسمها وشعريتها، هناك أيضا «قصيدة النظم» واضح نظّامها ولا يلبَس نظمهم على أحد. وأضاف حبيبي أنّ الشعر هو الشعر أيا كان القالب والشكل، مستشهداً بقول العواد (رحمه الله): «الشعر جوهر وما الوزن والقافية سوى حليتين يستطيع الشاعر الاستغناء عنهما متى شاء».
الشاعر محمد زايد الألمعي خصّ «عكاظ» بهذا التعليق، إذ يرى أنّ (الشعر) في المنطق اللغوي وصفٌ لـ(الماهيّة)... أي أنّ (ماهيّة) هذا الكلام هو(الشعر) أما (النثر) فهو وصف لـ(الشكل)، ولا يمكن مقابلة وصف الماهية بوصف الشكل، فهذا كأن تقول: (إن اللون الأحمر لا يشبه المثلث...! وعندها سيتهمك سامعك بالجنون...). ويضيف الألمعي أنّ النثر شكل من الكلام قد تكون شعريته أعلى من قوالب الإيقاع المفرغة من الشعريّة... فقط على أصدقائنا المحتجين أن يفرّقوا بين تربيتهم الذوقيّة والوعي بفلسفة فنّ ما، يؤسفني أن بعضهم يعيش على حافة الموهبة الشعريّة طوال حياته ويرعبه الخروج إلى رؤية فلسفيّة يكتشف من خلالها مكامن جديدة ومدهشة للجمال... ويختصر الألمعي الموضوع بقوله: الفن،أيّ فنّ،ّ ليس إقطاعيّة لذوقك الخاص، إنّه فضاءٌ شاسع يتسع ويتمدد باستمرار، إنّه الكون الموازي للطبيعة المطلقة التي لا يعلم نهايتها إلاّ خالقها المبدع الأكبر».